Translate

الأحد، 31 مارس 2013

ولقد عرفنا بعضُ أقوام حسبوا أن الدين بطول لحاهم، وقصر ثيابهم، واحمرار عمائمهم وابيضاضها، هم أبعد الناس عن فهم ما يقرأون، أو تطبيق ما يفهمون -إن فهموا- ولست أجد أبلغ من قول رسول الله فيهم: "يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم"، إن ذُُكروا بالله لم يتذكروا، وإن وُعظوا لم يُوعظوا، كقوم نوح أصروا واستكبروا استكبارا، لم يقبلوا من مخطئ في حقهم إعذارا، وفيهم خلة من نفاق إن أعطوا رضوا، وإن لم يُعطوا إذا هم يسخطون، واتسعت عندهم مسافة الخُلف بين القول والعمل، إن رأوا فرصة لصعود نجمهم اهتبلوها، وبذلوا في سبيل الوصول إليها كل غالٍ ونفيس، وإن عارض ما يلقنونه للناس ليل نهار فوق رؤوس المنابر، أو في المجالس وحوانيت العلم، يجري الحقد والغل والبغض في عروقهم مجرى الدم من ابن آدم، لا تصفوا نفوسهم من كدر، ويتربصون بمن خالفهم الدوائر، ولا يزالون بهم حتى يسقطوهم، وإن سقطوا لم يشف ذلك غليلهم حتى ينحروهم، إن استُغضبوا لم يبق لهم ود ولا صديق، وإن استُرضوا لم يرضوا، وهم يقرأون قول الشافعي: "من استُرضي فلم يرض فهو شيطان" فباءوا بها وكانوا بها أحق.
وليس والله هذا قول من وجد على واحدهم موجدة، أو خالفه في رأي أو موقف، ولا قول من خاصم ففجر (نعوذ بالله من ذلك، وليست ثمة خصومة) بل هو قول من خالط هؤلاء البعض، وبلاهم بالحديث والمجالسة والمعاملة وبلوه، وهو قول من جاهد نفسه وأمسكها عن تسطيره؛ حتى بلغ السيل الزبى، ولج هؤلاء في طغيانهم، فما وقِّروا كبيرًا ولا رحموا صغيرًا، ووضعوا أنفسهم موضع من لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، كأنه نبي من بعد الأنبياء، وهم مع ذلك يدّعون لأنفسهم علما وفضلا ومكانة بين الناس، لكن من كانت سريرته على خلاف بواطنه فليعلم أن الله سيبين أمره، ويقبح عند الناس ذكره، وهو قد طلب مديهحم والرفعة بينهم من باب الدين العريض.
وهؤلاء نقول لهم قول علي بن عبيدة: "لا حياء لمن لا وفاء له، ولا وفاء لمن لا إخاء له، ولا إخاء لمن يريد أن يجمع هوى أخلائه حتى يُحبوا ما أحب، ويكرهوا ما كره"، وأزيدهم بأن من تعصب بعصبة تقره على الباطل، ولا تذوده عنه، وتدور معه حيثما دار، لهي صحبة تحتاج إلى نظر، إلا أن يكون الطيرُ على شواكله، فتلك مصيبة أخرى. والسلام.
ـــــــــــــــ
احمد بكرى .

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق