Translate

الأربعاء، 6 يونيو 2018

علي عتبة أحد البيوت القديمة كانت تجلس جدتي وهم حولها ، قرية صغيرة هادئة حين يأتي الليل تُضيء بعض البيوت انوارها فتجد الشوارع بين ظلمة وبقايا ضوء ..
كان حِجر جدتي ملاذي الآمن حين خوفي ، لم تكن جدتي وحدها بل كل أصدقائها كذلك ، شال جدتي درع آمن هو الآخر ضد نسمات البرد التي تأتيني ويدها تداعب رأسي ..
جالسون بهدوء يتحدثون كل ليلة يلتقون واذا غابت إحداهم ينظرون في أمرها فإن كانت مريضة وجبت زيارتها ..
حياة بسيطة وشعور لا املك له وصف ، كنت صغيراً لكنني حين اتذكر يتسلل داخلي هذا الشعور ومكر طفولتي وفضولي .. 
اعرف هؤلاء النساء جيداً بالامس رأيت إحداهن مريضة يُمسك ابنها وصديق طفولتي يدها لم تعد تقوي علي الخطو تلك التي كانت تزجرهم في عتاب وبساطة ركعتي "تهوجد مش قادرين عليهم " ! .
علمت حينها ان عمري قد مر سريعا تلك القوية لم تعد تقوي علي الخطو .
لم اعد أري من هؤلاء سوي واحدة كانت تُمسك يد جدتي وهي تحتضر وتبكي لا تتركيني ..
وأخري منذ سنوات رأتني فنادتني تعال وسلمت علي بحب بالغ ووحشة وكأنه قد صار الصغير الذي كان يغفوا علي ارجلنا قد صار رجلاً وكيف قد أصبح هكذا 🙂
يبدو أن الجده تتعجب من سرعة الايام ولا عجب يا جده انا ايضا مثلك لا ادري كيف مر ثمانية وعشرين عام ومازلت اتذكر كل شئ في طفولتي ..
الآن اسمع صوت احفاد بحارتنا الصغيرة يلعبون وشتان ما بين عمري وعمرهم ومابين جيل هؤلاء وجيل بائس مثلي ..
الآن ماتت تلك الجده بهدوء تام ولا شيء .. تستمر الحياة ولا يبقي سوي ذكريات أشياء رأيناها صغاراً فصارت لبعض منا حصن منيع وجزء من مبادئنا لا تتغير ..
هؤلاء الذين اورثونا الحب وما يجب وما لا يجب ، هؤلاء من زرعوا فينا كيف نكون رجال ذو مروءة ، علمونا متي نصمت ومتي نتكلم وبما نبوح وما نكتم ولا نتحدث ..
علمونا كيف يصير العار من أثر حديث يؤذي غيرنا وتركونا نُدرك متي يكون العيب عيب وإن فعلناه .
جزاهم الله عنا خير حين تركوا لنا جزء ترك فينا الخير ..
غفر الله لهم وتجاوز عن سيئاتهم واكرمهم ووسع مدخلهم  وانار قبورهم وأفسح لهم فيه ، اسئل الله أن يعتق رقابهم من النار وأن يجمعنا بهم في جنته دون حساب ولا سابقة عذاب وأن يغفر ذلاتهم وسوء أعمالهم .


ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق