Translate

الأربعاء، 27 فبراير 2019

منذ أن بدأ يتشكل وعي لدي بالحياة وامتلك فلسفة خاصة بي للعيش بها ككل البشر وأنا أؤمن بالإنسان وأكفر بكل شئ سواه ..
فقدت بعض أصدقائي بشكل درامي حتي فقدت القدرة علي البكاء ، كنت أول الحاملين للنعوش وآخر المُفارقين للمقبرة ، كان قلبي حي وجميل ، إضطربت الأحداث حولي وأنا من أول يوم لا أميل لأحد ولا أنتمي لأحد وكنت آمل أن تنتهي خلافات البعض دون المساس بالأرواح والأحلام ، تمنيت أن تشتد الخلافات دون أن تُزهق روح واحدة .. تمنيت أن يعتنق الجميع أيدولوجيا كما يحب ويظل يحمل داخله الحب للجميع ويعلم أن زوال الكعبة عند الله أهون من دم امرئ مسلم .. بديهيات الكون والنفس وإن كنت كافراً تجعل شئ ما داخلك تكره أن يسلب أحدهم حياة الأخر ..
مشاهد الحياة لا تنتهي ودروسها ليست مجانية دائماً بل إن حدث واحداً يكفي لأن يُطفئ داخلي شئ ما للأبد .. وقف شاب لا أعرفه في طريقي أثناء خدمتي بالجيش طالباً مني الإبتسام .. ففعلت ومضيت .
لم يمر بضعة أشهر حتي قُتل هو وثلاثة آخرون في مأمورية بسيناء ... مات قلبي حزناً .. ثم آخرين من هنا وهناك .. ثم مؤيد ومعارض ، ثم من يحتفلون بقتل هؤلاء وعلي جنب آخر يستبيحون دم هؤلاء .. قلبي مُضطرب وتائه وعقلي لا يدري كيف لأحدهم أن يُصدر أمر بقتل ويعود لبيته !
رأيت مئات مقاطع الفيديو لأرواح تُزهق دون سبب في منطقتنا تلك .. كدجاجات أو دونها كأعشاش النمل .. رأيت من يذبح ومن يُطلق النار عمداً علي أخاه الإنسان ..
ثم هرج كبير ويختلط علي الجميع كل شئ فلا يدري ما يحدث .. ثم صمت تام لروحي .
أنا أدرك أن بلادنا لا أمل آت منها ولا آخر يذهب فيها .. آثرت أن أصب كل طاقتي في طريق العمل وأضع لي حلم أحققه فتلاحقني مصائب القوم ولا أري لها سبب فأتغاضها كأنه فالغد سوف تُعاد تلك المشاهد وأعلم يقيناً من منا المخطئ .. يُنكر قلبي كل سئ قد حدث لتستمر حياتي .
منذ عشرة أيام وفي صباح يوم جميل .. عُلقت المشانق لتسعة أرواح .. تسعة أحلام ..
حاولت روحي فهم لماذا لم ترفض اقدامهم الخطوات الأخيرة في طريقها للموت .. لماذا عليهم أن ينصتوا للأمر ؟!
ماذا كان في رؤسهم حينها ؟
انطفأ النور الأخير في قلبي حينها ولم تعد نفسي كما كانت .. لم أبك منذ أن مات صديقي الاول ، تلك الساعات تجنبت كل مواقع الاخبار ثم جاء خبر يقين .. لولا أن ادركني أحدهم وربت علي كتفي لبكيت حتي فقدت وعيي .
لا آبه لما فعلوه ، لاا يهمني إن كانوا مخطئين أو لا ، أكره أن يموت أحدهم بيد أخيه وهو لا يريد .. منذ تلك الصباح العجيب وكأن الكون لم يعد كما هو ..
لست حزيناً فقد رأيت في صباح اليوم جثث محترقة ورأيت من كانوا يفرون من الموت والنار تأكلهم .. لم يحزن قلبي وأستنكر علي كل من أدعي هذا الإحساس .
أرتديت أجمل مالدي في المساء وذهبت كي أحضر فرح صديق لي متجاهلاً رائحة الحزن لدي الجميع ومستقبلاً لزغاريد آخرين لـيُصبح المشهد اكثر إقناعاً وكي تستمر تراجيديا الحياة في إقناعي أن كل شئ هاهنا يدعوا للجنون وأن لا شئ حقيقي ..
أحضر مشاهد الإعدام ، بالشنق ، بالحرق ، بالذبح ، بالدفن أحياء ، برصاص ، أحضر كل المشاهد بشتي الطرق ولا أري سوي روح تقتل نفسها في شكل آخر .. واتسائل لما ؟
كافراً كان أو مؤمنا .. لما ؟
بأي منطق ؟
بأي حق ؟
بأي عقل ؟
أنا حتي افقد كل معني وكل حرف الأن ولا اجد كلمة توضع جانب الاخري لتُعبر عما يدور في رأسي .. لكنني دائما اقف حائراً أمام الموت ومشاهده وطرقه .. أقف أمام أشياء لا أجد مسمي لها سوي أننا مخلوقات قذرة جميعنا بشكل ما .. ولا أحد برئ .. حتي الأن أشعر أنني اهذي ولم يكن هذا ما كنت أنوي أن اُسجله في دفتري .. أنا هنا الأن حيث لا أدري ولا أعلم ولا أشعر .. أنا هنا في الثامنة والعشرون من عمري لأدون أنه قد قُتل قلبي وفقدت الشعور للأبد .

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق